11.15.2009

مختارات من مجلة الرسالة الأدبية

نقلت بعض الموضوعات من أعداد مجلة الرسالة ( الأعداد غير موجودة في الانترنت )
من العدد757- 5يناير 1948- السنة السادسة عشرة، تخيرت هذا المقال:
المسلمون في معترك الخطوب
للأستاذ . أحمد حسن الزيات


كأن الحلفاء يوم عقدوا ألوية الحرب قد عقدوا غيب ضمائرهم علي الغدر بأنفسهم وبالناس ،فلم يكادوا ينفضون أيديهم من تراب هتلر وحليفيه حتي أخذ بعضهم بتلابيب بعض ، يتصارعون علي أسلاب الحرب ويتكالبون علي جثث الضحايا ؛ فهذا يريد أن يغرز أنيابه هنا ، وذلك يحاول أن ينشب أظفاره هناك ،واللحوم طعوم ،والذبائح أجناس ؛فوقف كل وحش بإزاء منافسةه يهدده بما يملك من أسباب الحياة وبما يعلم من أسرار الموت ، حتي خشع المهيض ، واستكان الضعيف ، واستخذي الجبان ، وأقرت الأمم بالضيم ، واعترفت الدول بالرق ، وانتهي النزاع علي ملكوت الأرض إلي قوتين متعارضتين : قوة الرأسمالية في أمريكا ، وقوة الشيوعية في روسيا ،كلتاهما تريد أن تبسط سلطانها علي المستضعفين في الأرض دون الأخري ، والدولة التي كانت تنافسها في استرقاق الشعوب نتفت ريشها الحرب فتأخرت عن صفها وهبطت عن مستواها ، فتركت لهما تصريف الأمر وغفت في ظلال السكينة ترجو لأجنحتها أن ترتاش ولجروحها أن تندمل ؛ فلم يبق في العالم اليوم من يقف أمام هاتين القوتين العارمتين موقف الابي الذي يتكرم عن الذل ويتجافي عن المهانة إلا قوة واحدة تستمد بأسها من روح الله ، وتقتبس هديها من نور الحق ،هي قوة الأسلام . وبحسبك أن تسمع مذياعك في أي ليلة ، أو تقرأ صحيفتك في أي يوم ، لتعلم أن هذه القوي الثلاث هي التي تتصارع وتتقارع في الغرب والشرق وما بينهما ، وسائر الأمم محتبون بهامش الميدان يشهدون هذا الصراع شهود المتفرج أو المهرج أو المراهن : فالروسيون يريدون أن يتدفقوا في سهول الشرق لينسخوا بمبادئهم ديانانته وفلسفاته ، والأمريكيون يقيمون من دونهم السدود ليظلوا مستأسرين وحدهم بخيراته ، والمسلمون في تركية وإيران وباكستان وأفغانستان وإندونيسيا ، وفي أقطار العروبة من الخليج الفارسي إلي المحيط الاطلسي ، يجأرون بالشكوي ، ويصرخون من الظلم ، ويغضبون للكرامة ، ويثورون للحق وينادون للجهاد ؛ ولكن أصواتهم الإنسانية اللينة تذهب في عواء الذئاب ونباح الكلاب كما تذهب النسمة الرخية في الأدغال الشواجن ! كأنما الحرب لم تخلف من المشكلات غير مشكلة الشرق الأوسط ! وكأنما المحرونون لم يتركوا من التراث غير تراث الإسلام ! وكأنما الأسري في نظام هيئة الأمم المتحدة هم المسلمون ! فمن لم يكن له وطن من شذاذ الأمم جعلوا له موطنا من أرض العرب ! ومن ضاقت عليه مذاهب العيش في بلده وسعوها عليه من أرزاق العرب ! ومن نقت ضفادع بطنه من المستعمرين لازدراد بقعة حرام سكّنوا جوفه المسعور بقطعة من أملاك العرب ! ومن نازع المسلمين أو العرب علي شىء من ديارهم الموروثة فضوا النزاع علي حساب المسلمين أو العرب ! فالروس تتحلب أشداقهم علي ابتلاع تركية وإيران . والهندوس يجدون العطف الاوربي علي عدوانهم الوحشي علي أهل باكستان . وهولنة تحاول أن تمزق بحديد الأمم المتحدة إندونيسيا ، وهذه الدولة لا تزال تشعر بمسامير النعل ( أظنها النعش ، والله أعلم ) الهتلري الثقيلة تغوص في ظهورها الوطيئة البضة . وانجلترة العجوز تريد ان تخلي لحمايتها أمريكا طريق الشرق فتقرر الجلاء عن فلسطين لتقتطع السودان من مصر ، و وإنسان عينهل ومهجة قلبها نلتجعله نقطة ارتكازها في أفريقيا ،وحقيقة مجازها في الشرق . وفرنسا المنحلة ما زالت تفرض الباقي من سلطانها علي الشمال الافريقي كله فتقيم بينه وبين أبويه الأسلام والعروبة حاجزا من الظلام والحصر والرقابة والتجسس ، وترغمه علي الندماج بها والفناء فيها ، فيسظل بغير عَلمه ، ويتكلم بغير لغته ، ويؤمن بغير دينه . ولولا ممالأة الدول ومواطأة اللصوص ومناوأة الخطوب لما ثبتت هذه القدم النعمة في رمال الريف وصخور أطلس ! وأمريكا التجرة الطموح تصمم علي أن تحول بين الشيوعية وثروة الشرق فتجعل من الأنجليز واليهود سدا كسد ذي القرنين يأخذ السودان من مصر ، وفلسطين من العرب ، وبقية امتداده من الإسلام . ولولا هذه النية الخبيثة لما ساعدت اجلترة علي مصر في مجلس الأمن ، وعاونت اليهود العرب في جمعية الأمم المتحدة هاهي ذي تقسم فلسطين وبها إحدي القبلتين وثاني الحرمين ،قسمة ضيزي بين العرب الأصلاء واليهود الدخلاء ، وتحمل الصهيونيين علي ضمائرها وبواخرها من أركان الأرض إلي فلسطين لينصبوا فبها الصليب للحق كما نصبوه من قبل لعيسي ، ويبذروا في القدس الشقاق للناس كما بذروه في يثرب لمحمد صلي الله عليه وسلم !ليت شعري ما جريرة العرب والمسلمين علي الأمم الأوربيين والأمريكيين ؟ هل جريرتهم عليهم أنهم فتحوا العالم وطهروه ، وأعلنوا دين الله ونشروه ؟ قد يكون مع الفتح ترة العنصرية ، ومع نشر الدين تعصب الكنيسة ، ولكن ترة المقهور وتعصب الكاهن لم يكونا وحدهما السبب في ذلك الاستخفاف الدولي بالأسلام والعروبة ؛ إنما السبب الأقوي فيما أعتقد أن المسلمين اعتمدوا علي الحق دون القوة،وعولوا علي القول لا علي الفعل ، واعتقدوا في الشخص لا في المبدأ ، ونسوا أن دينهم قرآن وسيف ، وتاريخهم فتح وحضارة ، وشرعهم دين ودنيا ، وحربهم جهاد وشهادة ، وزعامتهم خلافة وقيادة .فهل آن لأبناء الأمة الوسطي ووارث ( ووارثوا ) الدعوة الكبري أن يذكروا ما نسوا ، ويجددوا ما طمسوا ، ويعلموا أن الحق هو القوة ، وأن القوة هي الوحدة وأن وحدة العرب كانت معجزة دين التوحيد ، قام عليها تاريخهم القديم ولن يقوم علي غيرها تاريخهم الجديد ؟!
ـومن نفس العدد أخترت لكمَ
مصْرعُ البَغْي


للأستاذ محمد سعيد العريان

قال الشيخ لفتاه وهما يسلكان طريقهما في بعض أرباض الكوفة : مِلْ بنا يا بنيّ عن هذ الطريق ؛ فليس يطيب لي يومي إذا وقعت عيناي علي أنقاض تلك القلعة المهدمة ؛ كأنما يجثم وراء كل حجر من أحجارها المتناثرة نحسن ( أظنها نحسٌ والله أعلم ) يتربَّص بكل عابر سبيل ...قال الفتي منكراً :وَيْ ! كأنك تزعم يا أبت ِ أن في بعض الجماد ما ينفع وما يضرّ !قال الشيخ وقد أحذ طريقاً آخر إلي الوجه الذي يقصده ، وقد أسند كفاَ إلي كتف الفتي وكفا إلي عصاه :إنما هو يا بني ّما قلت ، وإنه لا نافع ولا ضار إلا الله ؛ وأعوذ به من كفر بعد إيمان ؛ ولكن ذكريات تتراءي لي من هذه الخربة كلما نالتها عيناي فتتجسد لي في النوم واليقظة صوراً حمراء دامية ؛ لقد عُمِّر أبوك طويلا يا فتي ورأي ما لم تره ؛ ولعلك أن تعمِّر مثل عمري فتتحدث إلي بنيك بما رأيتَ وما سمعت من أنباء هذه القلعة المشؤمة !.. استشرفت نفس الفتي إلي جديد يقصه عليه أبوه من أنباء الماضي ،وإنّ أباه لراوية أخبار ومحدث تهفو النفوس إلي حديثه ويرهف السمع ؛ ولكن الشيخ مما أوهي الزمان منه لم يكن به قوة علي حديث طويل وهو يمشى ؛فلما بلغ داره وتخفف من ثيابه جلس إلي وسادته ليستأنف حديثه إلي ولده عن تلك القلعة . قال: لقد رأيتها يا بني منذ بضع وخمسين سنة ، وكنت يومئذ فتي في مثل سنك ،والمسلمون حديثو عهد بهذا المصر ، وأميرهم فيه سعد بن أبي وقّاص ، فلما مصَّر البلد وشرع طرائقه ونظم ديوانه أمر أن تنشأ هذه القلعة واتخذها دارا للحكم ؛ وقد كان سعد مستجاب الدعوة يا بني ؛ وكأني به حين حفر أساسها قد دعا الله أن يجعلها عصمة للمسلمين من عدوهم ؛ ولو أنه اطلع علي الغيب لكانت دعوته إلي الله أن يجعلها عصمة للمسلمين من عدوهم ؛ ولو أنه اطلع علي الغيب لكانت دعوته إلي الله أن يجعلها عصمة للمسلمين من شر أنفسهم ؛ إذن لارتدت عنها شهوات المبطلين وعصمت أهل هذا المصر من أن يسفك بعضهم دماء بعض كما عصمتهم من عدوهم ؛ فما طرق الكوفة هدو من أهل الشرك منذ مصّرها سعد وأنشأها ( أظنها أنشأ والله أعلم) بها هذا الحصن أو يسفك بها كافر دما ؛ ولكن اتخذوها مطْمعة يسفك بها بعضهم دماء بعض ... قال الشيخ : في هذه القلعة يا بنيّ ، شهدت رأس الحسين بعد أن قتله أهل البغي دون الفرات شهيدا مظلوما وحالوا بينه وبين الماء ، لا يشرب من ظمأ ، ولا يجوزه الي مأمن ، ولم يكفهم ما فعلوا به وبأهله وولده ، ففصلوا رأسه عن جسده وحملوه إلي عبيد الله بن زياد الدعي ، فكأنما أراه الساعة والرأس الشريف بين يديه المخضبتين بالدم لا يكاد يكتم فرحته بموته ؛ كأن قد ضمن به الخلود في الحياة حين ضمن به الخلود في إمارته ! ثم حمل الرأس الشريف إلي دمشق ليطيب يزيد بن معاوية نفسا بالنظر إليه ويطمئن بالا باستقرار الأمر له ! هل رأي قط واحد من أهل الكوفة أومن أهل هذه القلعة رأس الحسين في الطست بين يدي عبيد الله ثم غابت هذه الصورة عن خياله ؟ ...قال الشيخ :ومضت يا بنيَّ منذ ذلك سنوات ، ومضي يزيد إلي ربه بما حمل من أوزار الناس وأوزار نفسه ، وتعاقب علي عرش بني أمية في الشام أمير بعد أمير ، وظن عبيد الله بن مرجانة أن العيش قد طاب له ، وأحسبه قد نسي يوما له الأقدار لا تغفل عن أهل البغي ؛ ولم ينس المؤمنون من شيعة بني هاشم جناية بني أمية وسُمية علي عترة النبي المصطفي (صلي الله عليه وسلم ) من خيرة خلقه ؛ فمضت الدعوة إلي الثأر لهم تنتقل من فم إلي فم وتتقاذفها الفلوات والأمصار حتي نهض لها المختار بن أبي عبيد يهتف في شيعة علي :يا لثارات الحسين ! واجتمعت له الجموع وتكتبت الكتائب ودانت لدعوته البلدان ؛ وخرج ابن زياد ليلقاه ، أو يلقي حينه ؛ فالتقي بجيش المختار في أرض الموصل علي شاطيء نهر خازر ؛ ونالته ضربة سيف باتر فقدته نصفين ، فيداه في المشرق ورأسه في المغرب ، وكما حمل رأس الحسين من حيث قتل علي الفرات إلي قلعة الكوفة ـ حُمل رأس عبيد الله من حيث هلك علي شاطيء نهر خازر إلي قلعة الكوفة كذلك ... وفي هذه القلعة يا بني ، شهدت للمرة الثانية رأسا في طست بين يدي أمير القلعة ؛ وكأني يومئذ بالمختار بن أبي عبيد إلي رأس ابن مرجانة بين يديه وهو في مجلسه ذلك من تلك القلعة ؛ وعلي شفتيه مثل تلك الابتسامة !ولعل كثيرين غيري قد رأوا ما رأيت يومئذ وفي ذلك اليوم الآخر ، فانطبعت في أنفسهم صورة الرأسين ومنظر الأميرين ؛ فمنهم من نسي صورة بصورة ومنظرا بمنظر ؛ ولكنني لم أنس ! قال الشيخ : ومضت يا بني سنوات أخر ، وتقلبت الأحوال بالناس ما تقلبت ، وجدّت أمور بعد أمور ؛ولكن رجلا من أصحاب الأمر لم ينس أن له ثأرا عند المختار بن أبي عبيد ؛ ذلك مصعب بن الزبير يا بني ، أمير تلك الجهات من قبل أخيه عبد الله المتأمّر بمكة ؛ فقد كان يري المختار دعيا في شيعة علي ن يتلصق بهم ليطلب لنفسه ملكا وإمارة ؛ وقد سبقت له البيعة لعبد الله بن الزبير في مكة علي أمل يأمله، فلما خاب أمله ذلك زعم أنه شيعة علي والثأر لولده ، ليصل بذلك إلي مناوأة الأمويين والزبيريين جميعا ؛ فنهد مصعب لحربه بالجيش اللجب ، تشايعه قبائل وبطون وجماعة من أهل الرأي وطائفة من أولي البأس في الحرب ؛ والتقي الجيشان في معارك ، ودارت الدائرة علي المختار فلجأ إلي دار الأمارة بالكوفة معتصما في طائفة قليلة من أصحابه لا قوة لهم علي المقاومة ؛ وحصرهم جيش الزبيريين حتي لم يجدوا بدا من البروز لحربهم أو النجاة بأنفسهم ؛ ونالت المختار ضربة كانت فيها نفسه ، فاحتز رأسه وحمل إلي الأمير مصعب بن الزبير في قلعة الكوفة .وكماشهدت من قبل رأس الحسين ورأس بن مرجانة بين يدي أمير القلعة ، شهدت رأس المختار ...وكانما هجس بنفسي وقتئذ هاجس وأنا أنظر إلي مصعب بن الزبير وبين يديه رأس المختار وتمثلت لي صورة غير التي تراها عيناي في تلك الساعة ؛ فكأن الذي في الطست ليس هو رأس المختار بن عبيد ، ولا رأس ابن مرجانه ، ولا رأس الحسين ؛ ولكنه رأس مصعب نفسه ؛ وكأن الأمير الجالس علي الكرسي رجل آخر غيره ، ولكنه رجل لا أعرفه ، لأن عيني لم تقع عليه قط .هذا منظر تكرر علي عيني ثلاث مرات ، في صورة واحدة ومكان واحد ، ولأسباب تكاد تتشابه ؛ فكأنما رأيت منظرا رابعا لم يره أحد بعد ، وكأن هاتفا من وراء الغيب يهتف بصوت أكاد أحكي نبره : لكل باغ ِِ يوم !واستقرت هذه الصور الأربع في واعيتي لا أكاد أغفل عنها طرفة عين ؛ أما ثلاث منها فرأيتها رأي العين ووعيتها وعي اليقظة ؛ وأما الرابعة فكانت وهما تجسد حتي قارب أن يكون حقيقة مما يدرك بالحس ! قال الشيخ :لست أدري يابني أكانت هذه الصور الأربع في واعيتي أنا وحدي أم كان غيري يعيها ؛ ولكن الذي أرويه يقينا هو أن رجلا واحدا من الذين شاركوا في هذه الحوادث الدامية لم تخطر علي باله قط الصورة الرابعة ؛ ذلك هو مصعب بن الزبير نفسه !وتوالت الأعوام يا بني وهذه الصور تتراءي لي في يقظتي وفي منامي ، حتي حرَّمت علي نفسي أن أجوز ذاك الطريق حتي لا تقع عيني علي تلك القلعة المشئومة فتجدُّ لي ذكريات وتبعث تلك الصور البغيضة إلي نفسي ...وكان عبد الملك ابن مروان علي عرش بني أميةفي الشام ،وقد تفاني أعداؤه ومناوئوه طائفة بعد طائفة وأهلك بعضهم بعضا فلم يبق ثمة من يخشي خطره غير ابن الزبير ؛ وانضم إليه فلول من أصحاب المختار ابن عبيد ، لا يحملهم علي الحرب معهم إلاالرغبة في الثأرمن قاتل صاحبهم ...والتقي جيش الزبيريينوجيش بني امية في مسكن،علي نهر الدجيل عند دير الجاثليق؛ونشبت المعركة ،فشد علي مصعب رجل من اصحاب المختار وهو :يا لثارات المختار! وطعنه فابلغه أجله...واحتزّ راس مصعب وحمل إلي عبد الملك ابن مروان ...وشهدت الصورة الرابعة عيانا ، وكنت اراها رأي المتوهم منذبضع سنين .ورايت عبد الملك ابن مروان جالسا علي كرسيه وبين يديه الرأس في الطست...وكان بين مصعب وعبد الملك مودة حين كانا في المدينة قبل ان ينزغ بينهما الشيطان ... وأحسبني رأيت دمعة في عين عبد الملك وهو يقول محزونا وينظر الي رأس مصعب (متي تغذو قريش مثلك! ؟ )وغامت علي عينيّ غائمة ،فقلت ولا اكاد أعي ما تلفظه شفتاي :( إني رايت بهذه القلعة راس الحسين امام عبيد الله ابن زياد،وراس ابن زياد امام المختار ،ورأ المختار امام مصعب ، ورأس مصعب امام أمير المؤمنين!..)وبلغت كلماتي اذن الامير،فكأنما تطير مما سمع ،فأمر بنقض بنيان القلعة ؛فهي من يو مئذ انقاض يا بنيّ!.قال الفتي :فما يفزعك منها يا ابت وقد صار الي ما تري ؟قال الشيخ_ لست ادري يا بني ؛ ولكني اتوقع كلما وقعت عيناي علي أنقاضها أن احداث ستحدث في هذا المكان ،وتزدحم علي ذكريات الماضي وصوره الحمراء الدامية ...ثم صمت الشيخ واطرق ،وسرحت خواطر الفتي الي واد بعيد.***وتعاقبت السنون ، ومات الشيخ ،وأيفع الفتي ثم اكتهل وبرقت في فوديه شعرات بيض ؛ونسي كل ما كان من حديث أبيه؛ونسي اهل الكوفة ما مرّبهم من احداث وما وقع في القلعة من حوادث ؛ولكن انقاض لقلعة ظلت مركومة حيث كانت ...(ومر الفتي ذات يوم بالمكان فتذكر ،ووقع في وهمه أن شيا ما سيحدث ...(ومضت ايام،وحدث شيء ...من وراء انقاض القلعة المهدمة بالكوفة بدات طلائع الزحف العباسي الي دمشق ،لتحطيم عرش بني مروان!!وتنفس الفتي نفسا عميقا حين بلغه النبأ،وقال في ثقة واطمئنان :آمنت بأن لكل باغ مصرعا..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق